فصل: استيلاء شهاب الدين الغوري على لهاور ومقتل خسروشاه صاحبها.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.استيلاء شهاب الدين الغوري على لهاور ومقتل خسروشاه صاحبها.

ولما ولي شهاب الدين الغوري غزنة أحسن السيرة فيهم وافتتح جبال الهند مما يليه فاستفحل ملكه وتطاول إلى ملك لهاور قاعدة الهند من يد خسروشاه فسار سنة تسع وسبعين وخمسمائة في عساكر خراسان والغور وعبر إليها وحاصرها وبذل الأمان لخسروشاه وأنكحه ابنته وسوغه ما يريد من الأقطاع على أن يخرج إليه ويخطب لأخيه فأبى من ذلك وبقي شهاب الدين يحاصره حتى ضاق مخنقه بالحصار وخذله أهل البلد فبعث بالقاضي والخطيب يستأمنان له فأمنه ودخل شهاب الدين البلد وبقي خسروشاه عنده محرما وبعد شهرين وصل الأمر من غياث الدين بإنفاذ خسروشاه إليه فارتاب من ذلك فأمنه شهاب الدين وحلف له وبعث به وبأهله وولده مع جيش يحفظونهم فلما وصلوا بلاد الغور حبسهم غياث الدين ببعض قلاعه فكان آخر العهد به وبابنه.

.استيلاء غياث الدين على هوارة وغيرها من خراسان.

ولما استقر ملك غياث الدين بلهاور كتب إلى أخيه شهاب الدين الذي تولى فتحها أن يقيم الخطبة له ويلقبه بألقاب السلطان فلقبه غياث الدنيا والدين معين الإسلام والمسلمين قسيم أمير المؤمنين ولقب أخاه شهاب الدين بعز الدين ثم لما فرغ شهاب الدين من أمور لهاور وسار إلى أخيه غياث الدين ببيروزكوه واتفق رأيهما على المسير إلى هراة من خراسان سار في العساكر فحاصرها وبها عسكر السلطان سنجر وأمراؤه فاستأمنوا إليهما وملكا هراة وسار إلى بوشنج فملكها ثم إلى باذغيس كذلك وولى غياث الدين على ذلك وعاد إلى بيروزكوه وشهاب الدين إلى غزنة ظافرين غانمين.

.فتح أجرة على يد شهاب الدين.

لما عاد شهاب الدين إلى غزنة راح بها أياما حتى استراحت عساكره ثم سار غازيا إلى بلاد الهند سنة سبع وأربعين وخمسماية وحاصر مدينة أجرة وبها ملك من ملوكهم فلم يظفر منه بطائل فراسل إمرأة الملك في أنه يتزوجها إذا ملك البلد فأجابت بالعذر ورغبت في ابنتها فأجاب فقتلت زوجها بالسم وملكته البلد فأخذ الصبية وأسلمت وحملها إلى غزنة ووسع عليها الجراية ووكل بها من يعلمها القرآن حتى توفيت والدتها وتوفيت هي من بعدها لعشر سنين ولما ملك البلد سار في نواحي الهند فدوخها وفتح الكثير منها وبلغ منها ما لم يبلغه أحد قبله.

.حروب شهاب الدين مع الهنود وفتح دهلى وولاية قطب الدين أيبك عليها.

ولما اشتدت نكاية شهاب الدين في بلاد الهند تراسل ملوكهم وتلاوموا بينهم وتظاهروا على المسلمين وحشدوا عساكرهم من كل جهة وجاؤوا بقضهم وقضيضهم في حكم إمرأة ملكت عليهم وسار هو في عساكره من الغورية والخلخ والخلنجية والخراسانية وغيرهم والتقوا فمحص الله المسلمين وأثخن فيهم الكفرة بالقتل وضرب شهاب الدين في يده اليسرى فشلت وعلى رأسه فسقط عن فرسه وحجز بينهم الليل وحمله جماعة من غلمانه إلى منجاته ببلده وسمع الناس بنجاته فتباشروا ووفدوا عليه من كل جهة وبعث إليه أخوه غياث الدين بالعساكر وعذله في عجلته ثم ثارت الملكة ثانيا إن بلاد شهاب الدين بالعساكر وبعثت إلى شهاب الدين بالخروج عن أرض الهند إلى غزنة فأجاب إلى ذلك بعد أن يستأذن أخاه غياث الدين وينظر جوابه وأقاموا على ذلك وقد حفظ الهنود مخاضات النهر بينهم وهو يحاول العبور فلا يجد وبينما هو كذلك جاءه بعض الهنود فدله على مخاضة فاستراب به حتى عرفه قوم من أهل أجرة والملتان وبعث الأمير الحسن بن حرميد الغوري في عسكر كثيف وعبر تلك المخاضة ووضع السيف في الهنود فأجفل الموكلون بالمخاضات وعبر شهاب الدين وباقي العساكر وأحاطوا بالهنود ونادوا بشعار الإسلام فلم ينج منهم إلا الأقل وقتلت ملكتهم وأسروا منهم أمما وتمكن شهاب الدين بعدها من بلاد الهند وحملوا له الأموال وضربت عليهم الجزية فصالحوه وأعطوه الرهن عليها وأقطع قطب الدين أيبك مدينة دلهي وهي كرسي الممالك التي فتحها وأرسل عسكرا من الخلخ مختارين ففتحوا من بلاد الهند ما لم يفتحه أحد حتى قاربوا حدود الصين من جهة الشرق وذلك كله سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.

.مقتل ملك الغور محمد بن علاء الدين.

قد تقدم لنا أن محمد بن علاء الدين ملك الغور بعد أبيه وأقام مملكا عليها ثم سار سنة ثمان وخمسين وخمسمائة بعد أن احتفل في الاحتشاد وجمع العساكر وقصد بلخ وهي يومئذ للغز فزحفوا إليه وجاءهم بعض العيون بأنه خرج من معسكره لبعض الوجوه في خف من الجند فركبوا لاعتراضه ولقوه فقتلوه في نفر من أصحابه وأسروا منهم آخرين ونجا الباقون إلى المعسكر فارتحلوا هاربين إلى بلادهم وتركوا معسكرهم بما فيه فغنمه الغز وانقلبوا إلى بلخ ومروا ظافرين غانمين.